فضل الحج وعشر ذي الحجة الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي 2
ملخَّص الخطبة:
العبادة حقّ لله تعالى وحدَه.
فضل العبادة.
فضل هذه الأمَّة.
من رحمة الله بعثة الرسل وشرع العبادات المتنوعة.
ركنيَّة الحج وفضله.
الحج آيةٌ على أن الإسلام هو الدين الحق.
الحج المبرور.
أركان الحج.
واجبات الحج.
فضل يوم النحر.
مستحبات وآداب.
فضل عشر ذي الحجة.
صوم يوم عرفة.
الخطبة الثَّانية
الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدِّين، أحمد ربِّي وأشكره على نِعَمه العظيمة وآلائه الجسيمة. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القوي المتين، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله وأطيعوه، وعظِّموا شعائر الله ولا تعصوه.
أيها المسلمون:
إن عشرَ ذي الحجة التي ستدخلُ بعد أيام أفضلُ الأيام عند الله، سمَّاها الله تعالى في كتابه (الأيامَ المعلومات)، كما فسَّرها ابن عباس - رضي الله عنهما - فالذِّكْرُ لله فيها مستحبٌّ في المساجد والطُّرُق والمجامِع والأسواقِ والخُلُوات.
وفي هذه العَشْر يومُ عرفة، فلو فاتك - أيها المسلم - الوقوفُ بعرفة؛ فقد شرع الله لك صيامَه، عن أبي قتادة - رضيَ الله عنه - قال: سئل رسول الله عن صوم يوم عرفة، فقال: ((يكفِّر السنة الماضية والباقية))؛ رواه مسلم[9].
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه قال: ((ما من أيَّامٍ أعظم عند الله، ولا أحبُّ إليه العمل فيهنَّ من هذه الأيام العَشْر؛ فأكثِروا فيهنَّ من التَّسبيح والتكبير والتحميد))؛ رواه أحمد[10].
وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق ويكبِّران، فيكبِّر الناسُ بتكبيرهما؛ رواه البخاري[11].
أيها الحاجُّ، يقول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يا أُوْلِي الأَلْبَابِ} [البقرة: 197].
تمسَّكوا بآدَاب الإسلام المُثلى وأخلاقه العليا، واجعلوا الحجَّ توبةً لما بعده من حياتكم، وصلاحًا وتقوى لما يُستقبَل من أمركم، وندمًا على ما فات من حياتكم، واحمَدوا اللهَ تعالى واشكروه على نعمة الأمن والإيمان، وعلى ما سخَّر من أسباب الخيرات والعبادات، واحمدوه على ما أدرَّ من الأرزاق، وقضى من الحاجات، وعلى ما صرف من العقوبات والفتن والآفات.
عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً؛ صلَّى الله عليه بها عشرًا))[12].
فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأوَّلين والآخِرين وإمام المرسلين.
اللهم صلِّ على محمَّدٍ وعلى آل محمَّد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلم تسليمًا كثيرًا، اللهم وارض عن الصحابة أجمعين.
[1] هو عند ابن جرير في تفسيره (17/ 144)، وأخرجه أيضًا الحاكم (2/388-389) وصححه، والبيهقي في سننه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (6/32) لابن أبي شيبة وابن منيع وابن المنذر وابن أبي حاتم.
[2] أخرجه مسلم في الحج (1297) من حديث جابر رضي الله عنهما بلفظ: ((لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)).
[3] أخرجه البخاري في الحج (1521)، ومسلم في الحج (1350).
[4] أخرجه البخاري في الحج (1773)، ومسلم في الحج (1349).
[5] أخرجه البخاري في الحج (1520).
[6] أخرجه أحمد (4/309)، وأبو داود في المناسك، باب: من لم يدرك عرفة (1949)، والترمذي في الحج، باب: ما جاء فيمن أدرك الإمام بجمع فقد أدرك الحج (889)، والنسائي في الحج، باب: فرض الوقوف بعرفة (3016)، وابن ماجه في المناسك، باب: من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع (3015)، قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن الجارود (468)، وابن خزيمة (2822)، وابن حبان (3892)، والحاكم (1/463)، وهو في صحيح الترمذي (705).
[7] أخرجه الترمذي في الدعوات، باب: في دعاء يوم عرفة (3585) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وقال: "حديث غريب"، وله شواهد من حديث علي وأبي هريرة. قال الألباني في السلسلة الصحيحة (1503): "وجملة القول أن الحديث ثابت بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم".
[8] أخرجه البخاري في الجمعة (969) بنحوه.
[9] أخرجه عنه البخاري معلقًا بصيغة الجزم في العيدين، باب: فضل العمل في أيام التشريق، وقد وصله عبد بن حميد، وابن مردويه كما في الفتح لابن حجر (2/582) وصحح إسناد ابن مردويه.
[10] أخرجه مسلم في الصيام (1162).
[11]أخرجه أحمد (2/75)، والبيهقي في الشعب (3750)، قال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5446): "إسناده صحيح"، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير (3/110)، جوّد إسناده المنذري في الترغيب (2/24)، وقال الهيثمي في المجمع (4/17): "رجاله رجال الصحيح".
[12] أخرجه البخاري معلقًا في كتاب العيدين، باب: فضل العمل في أيام التشريق، وقد وصله أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في الشافي، والقاضي أبو بكر المروزي في العيدين، كما في فتح الباري لابن رجب (9/8).