كن في جانب الله ورسوله
إذا كان الله ورسوله في جانب فاحذر ان تكون في الجانب الآخر فأن ذلك يفضي الى المشاقة والمحادة وهذا أصلها ومنه اشتقاقها فان المشاقة إن يكون فى شق ومن يخالفه في شق والمحادة ان يكون حد وهو فى حد ولا تستسهل هذا فان مبادئه تجر الى غايته وقليله يدعو الى كثيره وكن فى الجانب الذي يكون فيه الله ورسوله وان كان الناس كلهم فى الجانب الآخر فان لذلك عواقب هى أحمد العواقب وأفضلها وليس للعبد انفع من ذلك فى دنياه قبل آخرته واكثر الخلق انما يكونون من الجانب الآخر ولاسيما اذا قويت الرغبة والرهبة فهناك لا تكاد تجد أحدا فى الجانب الذى فيه الله ورسوله بل يعده الناس ناقص العقل سيء الاختيار لنفسه وربما نسبوه الي الجنون وذلك من مواريث أعداء الرسل فأنهم نسبوهم غلى الجنون لما كانوا في شق
وجانب والناس فى شق وجانب آخر ولكن من وطن نفسه على ذلك فانه يحتاج الى علم راسخ بما جاء به الرسول يكون يقينا له لا ريب عنده فيه والي صبر تام علي معاداة من عاداه ولومه من لامه ولا يتم له ذلك الا برغبة قوية فى الله والدار والآخرة بحيث تكون الآخرة احب اليه من الدنيا وآثر عنده منها ويكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما وليس شيء أصعب علي الانسان من ذلك فى مبادىء الأمر فان نفسه وهواه وطبعه وشيطانه وإخوانه ومعاشيره من ذلك الجانب يدعنه الى العاجل فاذا خالفوهم تصدوا الحربة فان صبر وثبت جاءه العون من الله وصار ذلك الصعب سهلا وذلك الألم لذة فان الرب شكور فلا بد أن يذيقه لذة تحيزه الي الله والى رسوله ويريه كرامة ذلك فيشتد به سروره وغبطته ويبتهج به قلبه ويظفر بقوته وفرحه وسروره ويبقى من كان محاربا له على ذلك بين هائب له مسالم له ومساعد وتارك ويقوى جنده ويضعف جند العدو ولا تستصعب مخالفة الناس والتحيز الى الله ورسوله ولو كنت وحدك فان الله معك وأنت بعينه وكلاءته وحفظه لك وانما امتحن يقينك وصبرك اعظم الأعوان لك على بعد عون الله هذا بعون اله التجرد من الطمع والفزع فمتى تجردت منهما هان عليك التحيز الى الله ورسوله وكنت دائما فى الجانب الذى فيه الله ورسوله ومتي قام بك الطمع فلا تطمع فى هذا الأمر ولا تحدث نفسك به فان قلت فبأي شيء أستعين على التجرد من الطمع ومن الفزع قلت بالتوحيد والتوكل والثقة بالله وعلمك بأنه لا يأتي بالحسنات الاهو ولا يذهب بالسيآت الا هو وأن الأمر كله لله ليس لاحد مع الله شيء نصيحةهلم الي الدخول على الله ومجاورته فى دار السلام بلا نصيب ولا تعب ولا عناء بل من أقرب الطرق وأسهلها وذلك انك فى وقت بين وقتين وهو فى الحقيقة
عمرك وهو وقتك الحاضر بين ما مضى وما يستقبل فالذى مضي تصلحه بالتوبة والندم والاستغفار وذلك شيء لا تعب عليك فيه ولا نصب ولا معاناة عمل شاق انما هو عمل قلب وتمتنع فيما يستقبل من الذنوب وامتناعك ترك وراحة ليس هو عملا بالجوارح يشق عليك معاناته وانما هو عزم ونية جازمه تريح بدنك وقلبك وسرك فما مضى تصلحه بالتوبة وما يستقبل تصلحه بالامتناع والعزم والنية وليس للجوارح فى هذين نصب ولا تعب ولكن الشأن فى عمرك وهو وقتك الذي بين الوقتين فأن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك وان حفظته مع إصلاح الوقتين اللذين قبله وبعده بما ذكرت نجوت وفزت بالراحة واللذة والنعيم وحفظه أشق من إصلاح ما قبله وما بعده فان حفظه أن تلزم نفسك بما هو أولى بها وانفع لها وأعظم تحصيلا لسعادتها وفى هذا تفاوت الناس أعظم تفاوت فهى والله أيامك الخالية التى تجمع فيها الزاد لمعادك إما إلى الجنة إما الى النار فان اتخذت إليها سبيلا الى ربك بلغت السعادة العظمى والفوز الأكبر فى هذه المدة اليسيرة التى لا نسبة لها الى الأبد وان آثرت الشهوات والراحات واللهو واللعب انقضت عنك بسرعة واعقبتك الألم العظيم الدائم الذي مقاساته ومعاناته اشق وأصعب وأدوم من معاناة الصبر عن محارم الله والصبر على طاعته ومخالفة الهوى لأجله
قال ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة , والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها
جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا...ولا يتمكن من جهاد عدوه في الظاهر إلا من جاهد هذه الأعداء باطنا
المحبُ يهربُ إلى العزلةِ والخلوةِ بمحبوبه والتعلُّق بذكره، كهرب الحوتِ إلى الماء والطفل إلى أُمِّهِ:
وأخرجُ من بين البيوت لعلَّني *** أحدث عنكِ النفسَ بالسِّرِّ خاليًا
وقال ابن القيم : التقوى ثلاث مراتب :
(1) حمية القلب والجوارح عن الآثام والمحرمات.
(2) حميتها عن المكروهات .
(3) الحمية عن الفضول وعما لا يعنى .
قال ابن القيم رحمه الله:
لكل شيء جلاء
وإن جلاء القلوب ذكر الله تعالى
قال ابن القيم :القلب يمرض كما يمرض البدن وشفاؤه في التوبة ويصدأ كما تصدأ ا لمرآة , و جلاؤه بالذكر ويعرى كما يعرى الجسم وزينته التقوى ويجوع ويظمأ كما يجوع البدن وطعامه وشرابه المعرفة والمحبة والتوكل والإنابة (الفوائد)
قال ابن القيم : إضاعة الوقت أشد من الموت , لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها
من هداية الحمار -الذي هو أبلد الحيوانات - أن الرجل يسير به ويأتي به الى منزله
من البعد في ليلة مظلمة فيعرف المنزل فإذا خلى جاء اليه ، ويفرق بين الصوت
الذي يستوقف به والصوت الذي يحث به على السير
فمن لم يعرف الطريق الى منزله - وهو الجنـــة - فهو أبلد من الحمار
نور العقل يضيء في ليل الهوى فتلوح جادة الصواب .. فيتلمح البصير في ذلك عواقب الامور
الدنيـا مجــــاز والآخرة وطـــن
والاوطار-أي الاماني والرغبات -انما تُطلب في الاوطان
قـدر السلعة يعـرف بقـدر مشتـريهـا, والثمن المبـذول فيهـا, والمنـادى عليهـا, فـاذا كـان المشتـرى عظيمـا, والثـمـن خطيـرا, والمنادى جليلا, كانت السلعة نفيسة.
قال ابن القيم رحمه الله :
وأشقى الخلق الذي لم تدركه رحمة الله التي وسعت كل شيئ!!!
- للعبد ستر بينه وبين الله، وستر بينه وبين الناس؛ فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله هتك الله الستر الذي بينه وبين الناس.
- للعبد ربٌ هو ملاقيه، وبيت هو ساكنه؛ فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه، ويعمر بيته قبل انتقاله إليه. - الدنيا من أولها إلى آخرها لا تساوي غم ساعة؛ فكيف بغم العمر؟ !
- محبوب اليوم يعقب المكروه غداً، ومكروه اليوم يعقب الراحة غداً.
- أعظم الربح في الدنيا أن تشغل نفسك كل وقت بما هو أولى بها، وأنفع لها في معادها.
- كيف يكون عاقلاً من باع الجنة بشهوة ساعة؟ .
- يخرج العارف من الدنيا ولم يقض وطره من شيئين: بكائه على نفسه، وثنائه على ربه.
- المخلوق إذا خفته استوحشت منه، وهربت منه، والرب - تعالى - إذا خفته أنست به، وقربت إليه.
- لو نفع العلم بلا عمل لما ذم الله - سبحانه - أحبار أهل الكتاب، ولو نفع العمل بلا إخلاص لما ذم المنافقين.
- دافع الخطرة؛ فإن لم تفعل صارت شهوة وهمة؛ فإن لم تدافعها صارت فعلاً، فإن لم تتداركه بضده صار عادة؛ فيصعب عليك الانتقال عنها.
- مَنْ عَظُم وقار الله في قلبه أن يعصيه - وقَّره الله في قلوب الخلق أن يذلوه.
- مثال تولُّد الطاعة، ونموِّها، وتزايدها - كمثل نواة غرستها، فصارت شجرة، ثم أثمرت، فأكلتَ ثمرها، وغرستَ نواها؛ فكلما أثمر منها شيء جنيت ثمره، وغرست نواه.
وكذلك تداعي المعاصي؛ فليتدبر اللبيب هذا المثال؛ فمن ثواب الحسنةِ الحسنةُ بعدها، ومن عقوبة السيئة السيئةُ بعدها.
- ليس العجب من مملوك يتذلل لله، ولا يمل خدمته مع حاجته وفقره؛ فذلك هو الأصل.
إنما العجب من مالك يتحبب إلى مملوكه بصنوف إنعامه، ويتودد إليه بأنواع إحسانه مع غناه عنه.
- إياك والمعاصي؛ فإنها أذلت عزَّ ( اسجدوا ) وأخرجت إقطاع ( اسكن ) .
- الذنوب جراحات، ورب جرح وقع في مقتل .
- لو خرج عقلك من سلطان هواك عادت الدولة له .
- إذا عرضت نظرة لا تحل فاعلم أنها مسعر حربٍ؛ فاستتر منها بحجاب ** قل للمؤمنين } فقد سلمت من الأثر، وكفى الله المؤمنين القتال.
- اشتر نفسك؛ فالسوق قائمة، والثمن موجود.
- لا بد من سِنَةِ الغفلة، ورُقاد الهوى، ولكن كن خفيفَ النوم.
إن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه ، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له ، وفيها هلاكه وشقوته. ويكون قضاؤها له من هوانه عليه . ويكون منعه منها لكرامته ومحبته ، له ، فيمنعه حمايةً وصيانةً وحفظًا ، لا بخلاً
مدارج السالكين 1/69
لما سلم آدم أصل العبودية لم يقدح فيه الذنب
لما علم السيد أن ذنب عبده لم يكن قصدا لمخالفته ولا قدحا في حكمته, علمه كيف يعتذر اليه: ** فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه }البقرة 37.
لا بد من نفوذ القدر فاجنح للسلم. له ملك السموات للأرض, واستقرض منك حبة فبخلت بها, وخلق سبعة أبحر وأحب منها دمعة فقحطت عينيك بها.
اطلاق البصر ينفش في القلب صورة المنظور, والقلب كعبة, والمعبود لا يرضى بمزاحمة الأصنام.
لذات الدنيا كسوداء وقد غلبت عليك, والحور العين يعجبن من سوء اختيارك عليهن, غير أن زوبعة الهوى اذا ثارت سفت في عين البصيرة فخفيت الجادة.
سبحان الله, تزينت الجنة للخطّاب فجدوا في تحصيل المهر, وتعرّف رب العزة الى المحبين بأسمائه وصفاته فعملوا على اللقاء وأنت مشغول بالجيف.
ليس للعابد مستراح الا تحت شجرة طوبى, ولا للمحب قرار الا يوم المزيد. اشتغل به في الحياة يكفك ما بعد الموت.
تالله ما عدا عليك العدو الا بعد أن تولى عنك الولي, فلا تظن أن الشيطان غلب, ولكن الحافظ أعرض.
احذر نفسك, فما أصابك بلاء قط الا منها, ولا تهادنها فوالله ما أكرمها من لم يهنها, ولا أعزها من لم يذلها, ولا جبرها من لم يكسرها, ولا أراحها من لم يتعبها, ولا أمنها من لم يخوفها, ولا فرحها من لم يحزنها.
سبحان الله, ظاهرك متجمل بلباس التقوى, وباطنك باطية(اناء) لخمر الهوى, فكلما طيبت الثوب فاحت رائحة المسكر من تحته, فتباعد منك الصادقون, وانحاز اليك الفاسقون.
يدخل عليك لص الهوى وأنت في زاوية التعبد فلا يرى منك طردا له, فلا يزال بك حتى يخرجك من المسجد.
ليس العجب من قوله يحبونه, انما العجب من قوله يحبهم.
*
ليس العجب من فقير مسكين يحب محسنا اليه, انما العجب من محسن يحب فقيرا مسكينا.
اخرج بالعزم من هذا الفناء الضيق، المحشوِّ بالآفات إلى الفناء الرحب، الذي فيه ما لا عين رأت؛ فهناك لا يتعذر مطلوب، ولا يفقد محبوب .
- قيل لبعض العباد: إلى كم تتعب نفسك؟ قال: راحَتها أريد.
- القواطع محنٌ يتبين بها الصادق من الكاذب؛ فإذا خضتها انقلبت أعواناً لك، توصلك إلى المقصود.
- الدنيا كامرأة بغيٍّ لا تثبت مع زوج، وإنما تخطب الأزواج؛ ليستحسنوا عليها؛ فلا ترضَ بالدياثة.
- وأعجب من هذا علمك أنك لا بد لك منه، وأنك أحوج شيء إليه وأنت عنه معرض، وفيما يبعدك عنه راغب.
- لما رأى المتيقظون سطوةَ الدنيا بأهلها، وخداع الأمل لأربابه، وتملك الشيطان، وقياده النفوس،
ورأوا الدولة للنفس الأمارة - لجئوا إلى حصن التعرض، والالتجاء كما يلتجأ العبد المذعور إلى حرم سيده.
- العمل بغير إخلاص، ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملاً يثقله، ولا ينفعه.
- إذا حملت على القلب هموم الدنيا وأثقالها، وتهاونت بأوراده التي هي قوته وحياته كنت كالمسافر الذي يحمل دابته فوق طاقتها، ولا يوفيها علفها؛ فما أسرع ما تقف به.
"لابد من سنة الغفلة، ورقاد الهوى، ولكن كن خفيف النوم، فحراس البلد يصيحون: دنا الصباح"
قال الإمام بن القيم -رحمه الله-: "للعبد بين يدي الله موقفين: موقف بين يديه في الصلاة وموقف بين يديه يوم لقائه, فمن قام بحق الموقف الأول هوّن عليه الموقف الآخر, ومن استهان بهذا الموقف ولم يوفٍّه حقه شدد عليه ذلك الموقف قال -تعالى- (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً) (الإنسان:26) (الفوائد).
- من تلمح حلاوة العافية هانت عليه مرارة الصبر.
- ألفتَ عجز العادة؛ فلو علت بك همتك ربا المعالي لاحت لك أنوار العزائم .
- في الطبع شره، والحمية أوفق.
- البخيل فقيره لا يؤجر على فقره.
- الصبر على عطش الضر، ولا الشرب من شِرْعة منٍّ.
- لا تسأل سوى مولاك فسؤال العبد غير سيده تشنيع عليه.
- غرس الخلوة يثمر الأنس.
- استوحش ممالا يدوم معك، واستأنس بمن لا يفارقك.
- إذا خرجت من عدوك لفظة سفه فلا تُلْحِقْها بمثلها تُلْقِحها، ونسل الخصام مذموم.
- أوثق غضبك بسلسلة الحلم؛ فإنه كلب إن أفلت أتلف.
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد :
قال شقيق بن إبراهيم أُغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء: اشتغالهم بالنعمة عن شكرها، ورغبتهم في العلم وتركهم العمل، والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة، والاغترار بصحبة الصالحين وترك الإقتداء بفعالهم، و إدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها، وإقبال الآخرة عليهم وهم معرضون عنها. اهــ
وقال رحمه الله :
طالب النفوذ إلى الله والدار الآخرة بل وإلى كل علم وصناعة ورئاسة بحيث يكون رأسا في ذلك مقتدى به فيه يحتاج إن يكون شجاعا مقداما حاكما على وهمه غير مقهور تحت سلطان تخيله زاهدا في كل ما سوى مطلوبه عاشقا لما توجه إليه عارفا بطريق الوصول إليه والطرق القواطع عنه مقدام الهمة ثابت الجأش لا يثنيه عن مطلوبه لوم لأثم ولا عذل عاذل
- لو وقفت عند مراد التقوى لم يفتك مراد.
- المعاصي سد في باب الكسب، وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
- من أراد من العمال أن يعرف قدره عند السلطان فلينظر ماذا يوليه من العمل، وبأي شغل يشغله.
- الدنيا لا تساوي نقل أقدامك إليها؛ فكيف تعدو خلفها.
- الدنيا جيفة، والأسد لا يقف على الجيف.
- ودع ابن العون رجلاً فقال: عليك بتقوى الله؛ فإن المتقي ليس عليه وحشه.
- قال زيد بن أسلم: كان يقال: من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا.
وقال الثوري لابن أبي ذئب: إن اتقيت الله كفاك الناس، وإن اتقيت الناس فلن يغنوا عنك من الله شيئاً.
- قال سليمان بن داود: أوتينا مما أوتي الناس، ومما لم يؤتوا، وعلِّمنا مما علِّم الناس ومما لم يعلموا؛ فلم نجد شيئاً أفضل من تقوى الله في السر والعلانية، والعدل في الغضب، والرضا والقصد في الفقر والغنى.
- جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين تقوى الله، وحسن الخلق؛ لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين الناس .
قال ابن القيم :" فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة ، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم ، وهو يمر أسرع من مر السحاب ، فما كان من وقته لله وبالله ، فهو حياته وعمره ، وغير ذلك ليس محسوباً في حياته ، وإن عاش فيه عاش عيش البهائم ، فإذا قطع وقته في الغفلة والشهوة والأماني الباطلة ، وكان خير ما قطعه به النوم البطالة ، فموت هذا خير له من حياته.... " أ.هـ الجواب الكافي ، لابن القيم ص163
قال ابن القيّم رحمه الله: ( في القلب شعث لا يملِه إلا الإقبال على الله، وفيه وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلا الاجتماع عليه والفرار إليه، وفيه ثلاث حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمره ونهيه وقضائه، وفيه فاقة لا يسدّها إلا محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تسد تلك الفاقة أبداً )
ليس للعبد شيء أنفع من الصدق مع ربه في جميع أموره مع صدق العزيمة، فيصدقه في عزمه وفي فعله، قال تعالى: **فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ}[محمد: 21]، فسعادته في صدق العزيمة وصدق الفعال:
*فصدق العزيمة جمعها وجزمها وعدم التردد فيها؛ بل تكون عزيمة لا يشوبها تردد ولا تلوُّم.
*فإذا صدقت عزيمته بقي عليه صدق الفعل: وهو استفراغ الوسع وبذل الجهد فيه، وأن لا يتخلَّف عنه بشيء من ظاهره وباطنه، فعزيمة الصدق تمنعه من ضعف الإرادة والهمة، وصدق الفعل يمنعه من الكسل والفتور. ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره، وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الإخلاص وصدق التوكل، فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله
.