حقا انها المهلكات

عجائب القلوب

اعلم ان مثل القلب كمثل حصن والشيطان عدو يريد ان يدخل الحصن ويملكه ويستولى عليه ولا يمكن حفظ الحصن الا بحراسة ابوابه ولا يقدر على حراسة ابوابه من لا يعرفها ولا يتوصل الى دفع الشيطان الا بمعرفة مداخله ومداخل الشيطان وابوابه صفات العبد وهى جميع العقبات المانعه من طريق الله تعالى وهى الصفات المذمومه فى الخلق

قال رسول الله" يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك

واعلم ان القلوب فى الثبات على الخير والشر والتردد بينهما ثلاثة

الاول: قلب عمر بالتقوى وزكى بالرياضة وطهر عن خبائث فتنفجر فيه خواطر الخير من خزائن الغيب فيمهد الملك والهدى

القلب الثانى: قلب مخذول مشحون بالهوى مدنس بالخبائث ملوث بالاخلاق الذميمة فيقوى فيه سلطان الشيطان لا تساع مكانه ويضعف سلطان الايمان ويمتلئ القلب بدخان الهوى فيعدم النور ويصير كالعين الممتلئة بالدخان لا يمكنها النظر ولا يؤثر عنده زجر ولا وعظ

القلب الثالث : قلب يبتدئ فيه خاطر الهوى فيدعوه الى الشر فيلحقه خاطر الايمان فيدعوه الى الخير

مثاله ان يحمل الشيطان حملة على العقل ويقوى داعى الهوى ويقول اما ترى فلانا وفلانا كيف يطلقون انفسهم فى هواها حتى يعد جماعة من العلماء فتميل النفس الى الشيطان فيحمل الملك حملة على الشيطان ويقول هل هلك الا من نسى العاقبة فلا تغتر بغفلة الناس عن انفسهم فتميل النفس الى قول الملك ويتردد بين الجندين الى ان يغلب على القلب ما هو اولى به فمن خلق للخير يسر له ومن خلق للشر يسر له" فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كانما يصعد فى السماء"

فضيلة حسن الخلق وذم سوء الخلق

قال رسول الله" ان احبكم الى واقربكم منى فى الاخرة مجالس احاسنكم اخلاقا وان ابغضكم الى وابعدكم منى فى الاخرة اسواكم اخلاقا"

قال رسول الله " ليس شئ اثقل فى الميزان من الخلق الحسن"

وجمع بعض علامات حسن الخلق فقال هو ان يكون كثير الحياء قليل الاذى كثير الصلاح صدق اللسان قليل الكلام كثير العمل قليل الزلل قليل الفضول براوصولا وقورا شكورا رضيا حليما رفيقا عفيفا لا لعانا ولا سبابا ولا نماما ولا مغتابا ولا عجولا ولا حقودا ولا بخيلا ولا حسودا بشاشا هشاشا يحب فى الله ويبغض فى الله ويرضى فى الله ويغضب فى الله

قال رجل لمالك بن دينار بلغنى انك ذكرتنى بسوء؟ قال انت اكرم على من نفسى انى اذا فعلت ذلك اهديت لك حسناتى

-قال رجل لبعض الحكماء" والله لا سبنك سبا يدخل معك فى قبرك فقال معك يدخل لا معى"

- وكان اويس القرنى اذا رماه الصبيان بالحجارة يقول يا اخوتاه ان كان ولابد فارمونى بالضغار لئلا تدموا ساقى فتمنعونى الصلاة

واعلم ان الله تعالى اذا لراد بعبد خيرا بصره بعيوب نفسه فمن كملت بصيرته لم تخف عليه عيوبه واذا عرف العيوب امكنه العلاج ولكن اكثر الناس جاهلون بعيوبهم ويرى احدهم القذى فى عين اخيه ولا يرى الجذع فى عينه

فمن اراد ان يعرف عيوب نفسه فله اربعة طرق

الاول: ان يجلس بين يدى شيخ بصير بعيوب النفس مطلع على خفايا الافات ويحكمه فى نفسه ويتبع اشارته فى مجاهدته

الثانى: ان يطلب صديقا صدوقا بصيرا متدينا فينصبه رقيبا على نفسه ليلاحظ احواله وافعاله فما كره من اخلاقه وافعاله وعيوبه الباطنة والظاهرة ينبهه عليه

-كان عمر رضى الله عنه يقول رحم الله امرا اهدى الى عيونى

الطريق الثالث: ان يستفيد معرفة عيوب نفسه من السنة اعدائه فان عين السخط تبدى المساويا ولعل انتفاع الانسان بعدو مشاحن يذكره عيوبه اكثر من انتفاعه بصدق مداهن يثنى عليه ويمدحه ويخفى عنه عيوبه

الطريق الرابع: ان يخالط الناس فكل ما راه مذموما فيما بين الخلق فلطالب نفسه به وينسبها اليه

شهوة البطن وشهوة الفرج

شهوة البطن من اعظم المهلكات وبها اخرج ادم عليه السلام من الجنة ومن شهوة البطن تحدث شهوة الفرج والرغبة فى المال ويتبع ذلك افات كثيرة كلها من بطر الشبع

قال رسول الله" المؤمن ياكل فى معى واحد والكافر ياكل فى سبعة امعاء"

-قال عقبة الراسبى: دخلت على الحسن وهو يتغذى فقال هلم فقلت اكلت حتى لا استطيع فقال سبحان او ياكل المسلم حتى لا يستطيع وكسر شهوة البطن ان من تعود استدامة الشبع فينبغى له ان يقلل من مطعمه يسيرا يسيرا مع الزمان الى ان يقف على حد التوسط

- اما شهوة الفرج سلطت على الانسان لفائدتين:

احدهما: ان يدرك لذته فيقيس به لذات الاخرة فان لذه الوقاع لو دامت لكانت اقوى لذات الاجساد

الفائدة الثانية: بقاء النسل ودوام الوجود

قال رسول الله" ما تركت فى ناس بعدى فتنة اضر على الرجال من النساء"

افات اللسان

وافاته كثيرة متنوعة ولها فى القلب حلاوة ولها بواعث من الطبع ولا نجاة من خطرها الا بالصمت فلنذكر اولا فضيلة الصمت ثم نتبعه بذكر الافات مفصلة ان شاء الله تعالى

*الصمت وحفظ اللسان:

اعلم ان خطر اللسان عظيم ولا نجاة من خطره الا بالصمت فذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه

قال رسول الله" من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليسكت"

-كان ابو بكر الصديق رضى الله عنه يضع حصاة فى فيه يمنع بها نفسه عن الكلام وكان يشير الى لسانه ويقول " هذا الذى اوردنى الموارد"

-قال طاوس" لسانى سبع ان ارسلته اكلنى"

قال يحيي بن ابى كثير " ما صح منطق رجل قط الا صح ما وراء ذلك"

ذكر افات الكلام

اعلم ان افات اللسان كثيرة

1-الغيبة:

ان الغيبة صفة مرذولة وعادة قبيحة لا يتصف بها الا اراذل وسفله الناس الذين اوقفوا حياتهم على نشر المعايب واذاعة الفضائح اولئك الذين لا تعرف قلوبهم للايمان طريقا ولا تدرك ارواحهم الى الهدى سبيلا وقد حذر منها الله تعالى اشد التحذير فقال فى محكم التنزيل" ولا يغتب بعضكم بعضا"

تعريف الغيبة:

لقد عرف الرسول الله بقوله" اتدرون ما الغيبة؟ قالوا الله ورسوله اعلم قال ذكرك اخاك بما يكره قيل افرايت ان كان فى اخى ما اقول ؟ قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"

فالبهتان اشد حرمة من الغيبة لما فيه من ذكر السوء بالكذب والزور ونسبته الى المسلمين وهم منه برءاء

اوجه الغيبة:

قال الحسن : الغيبة ثلاثة اوجه فى كتاب الله تعالى الغيبة والافك والبهتان

1-الغيبة: فهى ان تقول فى اخيك ما هو فيه

2- الافك: فهو ان تقول فيه ما بلغك عنه

3- البهتان: فهو ان تقول فيه ما ليس فيه

حكم الغيبة

لقد حرمها الاسلام ونهى عنها ومقت صاحبها وجعلها من الكبائر قال القرطبى فى تفسيرة: ان الغيبة من الكبائر وان اغتاب احدا عليه ان يتوب الى الله تعالى

ما يباح من الغيبة:

1- التظلم: فيجوز للمظلوم ان يتظلم لمن له قدرة على رفع الظلم عنه كالقاضى والسلطان او من يقوم مقامهما

2- الاستفتاء: كان يقول لمفت ظلمنى فلان بكذا فما العمل

3- الاستعانة على تغيير منكر او رفع بلاء عن مسلم

4- تحذير المسلمين من الشر: كجرح شاهد او تعديله او تحذير المسلمين من فاسق

5- ان يكون الانسان معروفا بلقب : كالاعمش والاعرج والاولى العدول عن ذلك وتعريفه باسم افضل

6- ذكر المجاهد بالقسق والبدعة: كمن يجاهر بشرب الخمر ومعاشرة النساء فيجوز ذكره بعيوبه التى جاهر بها

2- النميمة:

واعلم ان النميمة تطلق فى الغالب على نقل قول انسان مثل ان يقول قال فيك فلان كذا وكذا

فالنمام لم يكتف باغتياب الناس بما فيهم او بهتهم بما ليس فيهم بل نقله بين الخصوم او الاحباب على سبيل القدح والتفريق

قال الله تعالى" هماز مشاء بنميم"

قال رسول الله" لا يدخل الجنة قتات"

قال رسول الله" الا انبئكم ما العضة؟ هى النمميمة القالة بين الناس"

ما يجب فى رد النميمة:

- ان لا يصدق الناقل لان النمام فاسق مردود الشهادة

2- ان ينهاه عن ذلك وينصحه

3- ان يبغضه فى الله فانه بغيض عند الله

4- ان لا يظن باخيه الغاتئب السوء

5- ان لا يحمله ما حكى له على التجسس والبحث

6- ان لا يرضى لنفسه ما نهى النمام عنه فلا يحكى نميمه

قال الحسن: من نم لك نم عليك وهذا اشارة الى ان النمام ينبغى ان يبغض ولا يوثق بقوله ولا بصداقته

3- الكذب

قال الله تعالى" ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه نسؤولا"

قال رسول الله" ايه المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان"

-قال الفضيل بن عياض رحمه الله" ما من مضغة احب الى الله من لسان صدوق وما من مضغة ابغض الى الله من لسان كذوب"

الحالات التى يباح فيها الكذب

- الرجل يصلح بين الناس

2- الكذب على الاعداء للحفاظ على اسرار الجيوش الاسلامية

3- كذب الرجل على امراته والمراة على زوجها تطيبا للنفس

4- شهادة الزور

قال الله تعالى" واجتنبوا قول الزور"

عن ابى بكرة رضى الله عنه قال قال رسول الله " الا انبئكم باكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال الا وقول الزور قال فما زال يكرها حتى قلنا ليته سكت

5- قذف المحصنات

قال الله تعالى" ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا فى الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم"

قال رسول الله" اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول وما هن ؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله الا بالحق واكل مال اليتيم واكل الربا والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات"

6- التحلم:

هو ان يقص المرء حلما يدعى انه راه ولم يره

قال رسول الله" من تحلم بحلم لم يره كلف ان يعقد بين شعيرتين ولن يفعل"

لا تغضب

اعلم ان الغضب شغلة من نار وان الانسان ينزع فيه عند الغضب عرق الى الشيطان اللعين حيث قال " خلقتتنى من نار وخلقته من طين"فان شان الطين السكون والوقار وشان النار التلظى والاشتعال والحركة والاضطراب

وما يدل على ذم الغضب قول النبى للرجل الذى قال له " اوصنى قال لا تغضب فردد عليه مرارا قال لا تغضبط

ومن اثار الغضب فى الظاهر تغير اللون وشدة الرعدة فى الاطراف وخروج الا فعال عن الترتيب واستحالة الخلقة وتعاطى فعل المجانين ولو راى الغضبان صورته فى حال غضبه وقبحها لانف من تلك الحال ومعلوم ان قبح الباطن اعظم

علاج الغضب

1- ان يتفكر فى الاخبار الواردة فى فضل كظم الغيظ

قال رسول الله" من كظم غيظا وهو قادر على ان ينفذه دعاه الله سبحانه وتعالى على رءوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور ماشاء

2- ان يخوف نفسه عقاب الله تعالى

3- ان يحذر نفسه عاقبة العداوة والانتقام وتشمير العدو فى هدم اعراضه والشماته بمصائبه فان الانسان لا يخلو عن المصائب

4- ان ينفكر فى قبح صورته عند الغضب على ما تقدم وانه يشبه حينئذ الكلب الضارى والسبع العادى

5- ان يعلم ان غضبه انما كان من شئ جرى على وفق مراد الله تعالى لا على وفق مراده فكيف يقدم مراده على مراد الله تعالى هذا ما يتعلق بالقلب واما العمل فينبغى له السكون والتعوذ وتغيير الحال وان كان قائما جلس وان كان جالسا اضطجع وقد امرنا بالوضوء ايضا عند الغضب فهذه الامور وردت فى الاحاديث

الحقد والحسد

اعلم ان الغيظ اذا كظم لعجز عن التشفى فى الحال رجع الى الباطن فاحتقن فيه فصار حقدا

وعلامته دوام بغض الشخص واستثقاله والنفور منه فالحقد ثمرة الغضب والحسد من نتائج الحقد

قال رسول الله" دب اليكم داء الامم قبلكم الحسد والبغضاء"

اسباب الحسد

العداوة والكبر والعجب وحب الرياسة وخبث النفس وبخلها واشدهما : العداوة والبغضاء فان من اذاه انسان بسبب من الاسباب وخالفه فى غرضه ابغضه قلبه ورشخ فى نفسه الحقد

مراتب الحسد:

1- ان يحب زوال النعمة عنه وان كان ذلك لا ينتقل اليه وهذا غاية الخبث

2- ان يحب زوال النعمة اليه لرغبة فى تلك النعمة

3- ان لا يشتهى عينها لنفسه بل يشتهى مثلها فان عجز عن مثها احب زوالها كى لا يظهر التفاوت بينهما

4- ان يشتهى لنفسه مثلها فان لم تحصل فلا يجب زوالها عنه

كيف ينفى مرض الحسد عن القلب

اعلم ان الحسد من الارض العظيمة للقلوب ولا تداوى امراض القلوب الا بالعلم والعمل والعلم النافع لمرض الحسد هو ان تعرف تحقيقا ان الحسد ضرر عليك فى الدنيا والدين اما كزنه ضررا عليك فى الدين فهو انك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى وكرهت نعمته التى قسمها بين عباده واما كونه ضررا عليك فى الدنيا فهو انك تتالم فى الدنيا او تتعذب به ولا تزال فى كمد وغم اذ اعداؤك لا يخليهم الله تعالى عن نعم يفيضها عليهم فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها

واعلم ان علاج الحسد تارة بالرضى بالقضاء وتارة بالزهد فى الدنيا وتارة بالنظر فيما يتعلق بتلك النعم من هموم الدنيا وحساب الاخرة

لا حسد الا فى اثنتين

قال رسول الله" لا حسد الا فى اثنتين رجل اتاه الله عز وجل القران فهو يقوم به اناء الليل واناء النهار ورجل اتاه الله مالا فهو ينفقه فى الحق اناء الليل واناء النهار

ذم الدنيا

قال الله تعالى " اعلموا انما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الاموال والاولاد كمثل غيث اعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الاخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور"

قال رسول الله" الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر"

قال رسول الله " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا شربة ماء"

- قال مالك بن دينار : بقدر ما تحزن الدنيا يخرج هم الدنيا من قلبك

قال على بن ابى طالب: الدنيا والاخرة ضرتان فبقدر ما ترضى احدهما تسخط الاخرى

الحرص والطمع

اغنى الاغنياء من لم يكن للحرص اسيرا وافقر الفقراء من كان الحرص عليه اميرا لان الحرص سبب لاضاعةالموجود عن مواضعه والحرص محرمة كما ان الجبن مقتلة ولو لم يكن فى الحرص خصلة تذم الا طول المناقشة بالحساب فى القيامة على ما جمع لكان الواجب على العاقل ترك الافراط فى الحرص

قال عمر بن الخطاب: ان الطمع فقر وان الياس غنى وانه من يياس عما فى ايدى الناس استغنى عنهم

- قال رسول الله" لو كان لابن ادم واديان من ذهب لا بتغى لهما ثالث ولا يملا جوف ابن ادم الا التراب ويتوب الله على من تاب"

علاج الحرص والطمع

اعلم ان هذا الدواء مركب من ثلاثة اركان الصبر والعمل والعلم

اياك والبخل

- قال رسول الله" لا يجتمع الشح والايمان فى قلب عبد ابدا

-قال محمد بن المنكدر: كان يقال اذا اراد الله بقوم شرا امر عليهم شرارهم وجعل ارزاقهم بايدى بخلائهم

-قال الشعبى: لا ادرى ايهما ابعد غورا فى نار جهنم البخل ام الكذب

-قال الاصمعى سمعت اعرابيا وقد وصف رجلا فقال لقد صغر فى عينى لعظم الدنيا فى عينه وكانما يرى السائل ملك الموت اذا اتاه

عليك بالسخاء

اعلم ان المال ان كان مفقودا فينبغى ان يكون حال العبد القناعة وقلة الحرص وان كان موجودا فينبغى ان يكون حاله الايثار والسخاء واصطناع المعروف والتباعد عن الشح والبخل فان السخاء من اخلاق الانبياء عليهم السلام وهو اصل من اصول النجاة

قال رسول الله" ان الله تعالى جواد كريم يحب الجود ويجب معالى الاخلاق ويكره سفسافها"

-قال على بن ابى طالب رضى الله عنه اذا اقبلت عليك الدنيا فانفق منها لا تفنى واذا ادبرت عنك فانفق منها فانها لا تبقىوانشد

لا تبخلن بدنيا وهى مقبلة فليس يفصها التبذير والسرف

وان تولت فاحرى ان تجود بها فالحمد منها اذا ما ادبرت خلف

قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه اهدى الى رجل من اصحاب رسول الله راس شاة فقال ان اخى كان احوج منى اليه فبعث به اليه فلم يزل كل واحد يبعث به الى اخر حتى تداوله سبعة ابيات ورجع الى الاول

يا طالب الشهرة اقصر

اعلم اصلحك الله ان اصل الجاه هو انتشار الصيت والاشتهار وهو مذموم بل المحمود الخمول الا من شهره الله تعالى لنشر دينه من غير تكلف طلي الشهرة منه

قال الله تعالى" تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الارض ولا فسادا" جمع بين ارادة الفساد والعلو وبين ان الدار الاخرة للخالى عن الارادتين جميعا

قال الله تعالى" من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف اليهم اعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون اولئك الذين ليس لهم فى الاخرة الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعلمون" وهذا ايضا متناول بعمومه لحب الجاه فانه اعظم لذة من لذات الحياة الدنيا واكثر زينة من زينتها

قال رسول الله" نا ذئبان جائعان ارسلا فى غنم بافسد لها من حرص المرء على المال والشرف"

-قال ابراهيم بن ادهم ما صدق الله من احب الشهرة

-قال على رضى الله عنه: تبذل ولا تشتهر ولا ترفع شخصك لتذكر وتعلم واكنم واصمت تسلم تسر الابرار وتغيظ الفجار

علاج حب الجاه والشهرة

فحب الجاه اذا من المهلكات فيجب علاجه وعلاجه مركب من علم وعمل

1- العلم: فهو ان يعلم السبب الذى لاجله احب الجاه وهو كمال القدرة على اشخاص الناس وقلوبهم وذلك اذا صفا وسلم يكون فى اخرة الموت فينبغى ان يتفكر فى نفسه الاخطار والافات اللاحقة لاصحاب الجاه فى الدنيا من تطرق الحسد اليهم وقصدهم بالايذاء فتراهم خائفين على الدوام من زوال جاههم محترزين من تغيير منزلتهم فى القلوب والقلوب اشد تغيرا من القدر فى غليانها فالاشتغال بمراعاة ذلك غموم عاجله مكدرة لحفظ الجاه فلا يفى مرجو الدنيا بمخوفها فضلا عما يفوت فى الاخرة فهذا من حيث العلم

2- العمل فهو اسقاط الجاه من قلوب الخلق بافعال توجب ذلك كما روى ان بعض الملوك قصد زيارة رجل زاهد فلما قرب منه استدعى طعام وبقلا ولبنا وجعل ياكل بشره ويعظم اللقمة فلما نظر اليه الملك سقط من عينه

الرياء

قال الله تعالى " فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون"

الرياء: ان عملا مما يتقرب به الى الله يريد به ثناء الناس عليه كان يحسن صلاته او يتصدق لاجل ان يمدح ويثنى عليه او يتلفظ بالذكر ويحسن صوته بالتلاوة لاجل ان يسمعه الناس فيثنوا عليه ويمدحوه

قال رسول الله " من سمع سمع الله به ومن راءى راءى الله به ومن شاق شاق الله عليه يوم القيامة"

-قال الحسن البصرى: ان كان الرجل لقد جمع القران وما يشعر به جاره وان كان الرجل لقد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس وان كان الرجل ليصلى الصلاة الطويلة فى بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ولقد ادركنا اقواما ما كان على ظهر الارض من عمل يقدرون على ان يعملوه فى سر فيكون علانية ابدا

دواء الرياء وطريق معالجة القلب فيه

ان الرياء محبط للاعمال وسبب للمقت عند الله تعالى وانه من كبائر الذنوب وما هذا وصفه فجدير بالتشمير عن ساق الجد فى ازالته زولو بالمجاهدة وتحمل المشاق وفى علاجة مقامات

المقام الاول: فى قلع عروقه واسئصال اصوله واصله حب المنزلة والجاه

المقام الثانى: فى دفع العارض منه اثناء العبادة وذلك لابد من تعلمه ايضا فان من جاهد نفسه وقلع مغارس الرياء فالشيطان لا يتركه فى اثناء العبادات بل يعارضه بخطرات الرياء ولا تنقطع عنه نزغاته وهوى النفس وميلها لا ينمحى بالكلية فلابد وان يشمر لدفع ما يعرض من خاطر الرياء

الكبر والعجب

قال الله تعالى" ساصرف عن اياتي الذين يتكبرون فى الارض بغير الحق"

الكبر افة عظيمة تهلك الخواص ولا يسلم منها العباد والزهاد والعلماء والكبر حجاب دون الجنة لانه يحول بين العبد وربه وانه ليس من اخلاق المؤمنين وشر الكبر ما يمنع من استفاده العلم وقبول الحق والانقياد له كما امتنع ابليس من الامتثال لامر ربه بالسجود لادم

-قال رسول الله" الا اخبركم باهل النار؟ كل جعظرى جواظ مستكبر"

-قال رسول الله " الكبر بطر الحق وغمط الناس"

قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه: لا يحقرن احد احدا من المسلمين فان صغير المسلمين عند الله كبير

-قال وهيب : لما خلق الله جنة عدن نظر اليها فقال انت حرام على كل متكبر

علاج الكبر والعجب

الاول: استئصال اصله وشجرته من القلب وذلك بالتواضع لعباد الله

الثانى: اذهاب الكبر والعجب بقطع الاسباب فالنسب لا يغنى من الله شيئا وكذلك الجمال والقوة والغنى والعلم فان كل ذلك اولى بالشكر لا بالكبر والعجب

الغرور هلاك

قال الله تعالى" فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور"

من الناس من غرته الدنيا فقال النقد خير من النسيئة والدنيا نقد والاخرة نسيئة وهذا غرور الكفار وعلاج هذا الغرور اما بتصديق الايمان واما البرهان

التخلص من الغرور بثرثة اشياء:

- العقل: وهو النور الاصلى الذى يدرك به الانسان حقائق الاشياء

-المعرفة: التى يعرف بها الانسان نفسه وربه ودنياه واخرته

- العلم: ونعنى بالعلم بكيفية سلوك الطريق الى الله تعالى وافاتها والعلم بما يقرب منه ويهديه